منهم كَلِيما رَبُّنا وخَليلا ** بالإِفْكِ والبُهْتَانِ فيهِ القِيلا
وكما شَهِدْتُ لهُ سيَشْهَدُ لِي إذا ** صار العليمُ بما أتيتُ جهولا
يُبْدِي الحوادِثَ والغُيوبَ حَدِيثُه ** وَيسوسُكُمْ بالحَقِّ جِيلًا جِيلا
هوَ صخرة ٌ ما زوحمتْ صدمتْ فلا ** إلاَّ ونالَ بِجُودِهِ المَأْمُولا
والآخرونَ الأَوَّلونَ فقومهُ ** وَعَلَى الجَمِيع لَهُ الأَيادِي الطُّولَى
والمُنْحَمِنَّا لا تَشُكُّوا إنْ أتَى ** وَإلى المَسيحِ وَأُمِّهِ وَكَفَى بها
جَعَلوا الكَرامَة َ لِلإلهِ فَأُكْرِمُوا ** صَرْفًا لَهُ عنهُ ولا تَحْوِيلا
وهوَ الذي منْ بعدِ يحيى جاءهم ** إذْ كانَ يَحيَى لِلْمَسِيحِ رَسيلا
وَسَلُوا الزَّبور فإنَّ فيه الآن مِنْ ** فصلِ الخطابِ أوامرًا وفصولا
فهوَ الذي نَعَتَ الزَّبورُ مُقَلَّدًا ** ذا شفرتينِ من السيوفِ صقيلا
قُرنتْ بهيبتهِ شريعة ُ دينهِ ** فأراك أخذَ الكافرينَ وبيلا
فاضتْ على شفتيهِ رحمة ُ ربهِ ** فاستشفِ من تلكَ الشفاهِ عليلا
وَلِغالِبٍ مِنْ حَمْدِهِ وَبَهَائِهِ ** مَلأَ الأَعادِي ذِلَّة ً وخُمولا
في أمةٍ خُصَّتْ بكل كرامةٍ ** وتفيأتْ ظلَّ الصّلاحِ ظليلا
وَعَلَى مَضاجِعِهِمْ وكلِّ ثَنِيَّةٍ ** كلٌّ يُسِرُّ وَيُعْلِنُ التَّهْلِيلا
رُهبانُ ليلٍ أسدُ حربٍ لم تلجْ ** إلاَّ القنا يومَ الكريهة ِ غيلا
كم غادَروا الملك الجليلَ مُقَيَّدًا ** والقَرْمَ مِنْ أشْرافِهمْ مَغْلولا
فالله مُنْتَقِمٌ بهمْ مِنْ كلِّ مَنْ ** يَبْغي عَلَى الحَقِّ المُبينِ عُدُولاَ
أعجبتَ من ملكٍ رأيتَ مقيدًا ** وَشَرِيفِ قَوْمٍ عِنْدَهمْ مَغلولا
خَضَعَتْ مُلوكُ الأرضِ طائِعَة ً لَهُ ** وغَدا به قرْبانُهُمْ مَقْبُولا
مازال للمستضعفينَ مؤازرًا ** وأُولِي الصَّلاَحِ وَلِلعُفاة ِ بَذُولا
لم يدعهُ ذو فاقةٍ وضرورةٍ ** إلاَّ ونالَ بجودهِ المأمولا
ذاكَ الذِي لم يَدْعُهُ ذُو فاقَةٍ ** إلاَّ وكانَ لهُ الزَّمانُ مُنِيلا
تَبْقَى الصَّلاة ُ عليهِ دائِمَة ً فَخُذْ ** وَصْفَ النبيِّ مِنَ الزَّبُورِ مَقُولا
وكتابُ شعيا مخبرٌ عن ربهِ ** فاسْمَعْهُ يفْرِحْ قَلْبَكَ المَتْبُولا
عَبْدِي الذي سُرَّتْ به نَفْسِي وَمَنْ ** وحيي عليه مُنَّزَلٌ تنزيلا
لَمْ أُعْطِ ما أعْطَيْتُهُ أَحَدًا مِنَ ** فضلِ العظيمِ وحسبهُ تخويلا
يَأتي فَيُظْهِرُ في الوَرَى عَدْلِي وَلمْ ** يكُ بالهَوى في حكمهِ ليميل
إنْ غضَّ منْ بصرٍ ومنْ صَوتٍ فما ** غَضَّ التُّقَى والفَضْلُ مِنْهُ كلِيلا
فَتَحَ العُيُونَ العُورَ لكنَّ العِدا ** عنْ فضلهِ صرفُوا العيونَ الُحولا
أحيا القلوبَ الغلفَ، أسمعَ كل ذي ** صَمَمٍ وَكَمْ داءٍ أزالَ دَخِيلا
يُوصي إلى الأُمَم الوصايا مِثْلَمَا ** يُوصِي الأَبُ الْبَرُّ الرَّحِيمُ سَليلا
لا تُضْحِكُ الدُّنيا لهُ سِنًا وَما ** لمْ يؤتَ منها عدة ُ تنويلا
وهُوَ الذي مِنْ بعْدِ يَحيَى جاءهم. ** حمدًا جديدًا بالمزيدِ كفيلا
وكتابهُ ماليسَ يطفأُ نوُره ** مَلأَ الأَعادِي ذِلَّة ً وخُمولا
أَفَتَجْعَلُونَ دَلِيلَهُ مَدْخُولا ** يَأتي فَيُظْهِرُ في الوَرَى عَدْلِي وَلمْ
وَبأنَّ إبراهيمَ حاولَ أكْلَهُ ** فيها وفاضلتِ الوعورُ سهولا
فَزَهَتْ وَنَالَتْ حُسْنَ لُبْنانَ الذي ** لولا كرامة ُ أحمدٍ ما نيلا
لوطٍ فكيفَ بِقَذْفِهِمْ رُوبِيلا ** عزَّا وطابتْ منزلًا ونزيلا
جَعَلوا الكَرامَة َ لِلإلهِ فَأُكْرِمُوا ** فالله يَجْزِي بالجَمِيلِ جَمِيلا
خُبْزًا وَرامَ لِرِجْلِهِ تَغْسِيلا ** إلاَّ البَعُوضَ ولا يَزالُ مُعانِدًا
لا تَخْطُرُ الأَرْجاسُ فيهِ وَلا يُرَى ** لُخطاهمُ في أرضهِ تنقيلا
كتفاثُ بينهما علامة ُ مُلكهِ ** للهِ مُلكٌ لا يزالُ أثيلا
من كانَ من حِزبِ الإلهِ فلمْ يزلْ ** منه بحسنِ عنايةٍ مشمولا
فاسْمَعْهُ يفْرِحْ قَلْبَكَ المَتْبُولا ** أصْنَامُ بابِلَ قد أتاكَ دَليلا
وَالغَرْسُ في البَدُوِ المُشار لِفضلِهِ ** إنْ كنتَ تجهلهُ فسلْ حِزقيلا
غُرِستْ بأرضِ البدوِ منه دوحة ٌ ** وَيُفَنِّدُ العُلَماءَ تَوْبِيخًا لَهُمْ
فأتتك فاضلة َ الغصونِ وأخرجتْ ** إلاَّ القنَا يَوْمَ الكَرِيهَة ِ غِيلا
وَسَلوهُ كَمْ تَمْتَدُّ دَعْوَة ُ باطِلٍ ** تُخْزُوا يَهُوذَا الآخِذَ البِرْطِيلا
لكلامِ موسى قد أتى تَذْييلا ** إلاَّ البَعُوضَ ولا يَزالُ مُعانِدًا
وسَلَنَّ حَبْقُوقَ المُصَرِّحَ باسْمِهِ ** وبوصفهِ وكفى به مسؤولا
إذا أوْصَلَ القَوْلَ الصَّريحَ بِذِكْرِهِ ** للسَّامعينَ فأحسنَ التوصيلا
والأرضُ مِنْ تَحْمِيدِ أحمدَ أصْبَحَتْ ** وبِنُورِهِ عَرْضًا تُضِيءُ وطُولا
روِيتْ سهامُ محمدٍ بقسيِّهِ ** وغَدا بها مَنْ ناضَلَتْ مَنْضُولا
واسمعْ برِؤيا بُختنصَّرَ والتمسْ ** منْ دانيالَ لها إذنْ تأويلا
وَسَلوهُ كَمْ تَمْتَدُّ دَعْوَة ُ باطِلٍ ** لِتُزيحَ علة َ مُبطلٍ وتُزيلا
وارمِ العِدا ببشائرٍ عنْ أرميا ** إِذْ كَفَّ نَبْلُ كِنانِهِ مَتْبُولا
إذ قال قدْ قدَّستهُ وعصمتْهُ ** وجعلتُ للأجناسِ منهُ رسُولا
وجعلتُ تقديسي قبيلَ وجودهِ ** وَعْدًا عَلَيَّ كَبَعْثِهِ مَفْعُولا
وحديثُ مكة َ قد رواهُ مُطولًا ** شَعْيا فُخذْهُ وَجَانِبِ التَّطْوِيلا
إذْ راحَ بالقَوْلِ الصَّرِيح مُبَشِّرًا ** بالنَّسْلِ منها عاقرًا معْضولا
وتَشَرَّفَتْ باسمٍ جديدٍ فادعها ** حَرَمَ الإِلهِ بَلَقْتَ منه السُّولا
فتنبهتْ بعد الخمولِ وكُلِّلَتْ ** وَبِوَصْفِهِ وكَفَى به مَسْؤولا
وَنَأَتْ عَنِ الظُّلْمِ الذِي لا يَبْتَغِي ** لخضابهِ شيبُ الزمانِ نصولا
حَرَمٌ على حمل السلاحِ مُحَرَّمٌ ** فكأَنما يَسْقِي السُّيُوفَ فلُولا
وَتَخالُ مِنْ تَحْرِيمِ حُرْمَتِهِ العِدا ** عُزْلًا وإنْ لَبِسُوا السِّلاحَ ومِيلا
لم يتخذْ بيتٌ سواهُ قبلة ً ** فازدد بذاكَ لما أقولُ قبولا
وبَنُو نَبايُتَ لَمْ تَزَلْ خُدَّامُها ** لا تَبْتَغِي عنها لَهُمْ تَحْوِيلا
جُمْعَتْ له أغنامُ قيدارَ التي ** قد كانَ منها ذبحُ إسْمَاعِيلا
فنمتْ وأمِّنَ خوفُها وعدوُّها ** قد باتَ منها خائفًا مَهْزُولا
وَكَلاَمُ شَمْعُونَ النبيِّ تَخالُه ** لكلامِ موسى قد أتى تذييِلا
وَجَمِيعُ كُتُبِهِمُ على عِلاَّتَها ** نَطَقَتْ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ تَعْليلا
لم يجهلوه غيرَ أنَّ سيوفهُ ** أبْقَتْ حُقُودًا عِندَهمْ وذُحُولا
فاسْمَعْ كلامَهُمُ ولا تَجْعَلْ عَلَى ** ما حرَّفوا من كتبهمْ تعوِيلا
لولا اسْتِحَالتُهُمْ لَمَا ألْفَيْتَنِي ** لكَ بالدليلِ على الغريم محِيلا
أوقدْ جهلتَ من الحديثِ رواية ً ** أمْ قد نسيتَ مِنَ الكتابَ نُزُولا
فاترك جدالَ أخي الضلالِ ولا تكن ** بمراء منْ لا يهتدي مشغُولا
مالي أُجَادِلُ فيهِ كلَّ أَخي عَمّى ً ** كيما أقيمَ على النهارِ دليِلا
واصرفْ إلى مدحِ النبيِّ محمدٍ ** قوْلًا غدا عن غيرهِ معدُولا
فإذا حصلتَ على الهدى بكتابهِ ** لا تَبْغِ بَعْدُ لِغَيرِهِ تَحْصِيلا
ذِكْرٌ بِهِ تَرْقَى إلَى رُتُبِ العُلا ** فَتخَالُ حامِلَ آيهِ مَحْمُولا
يذَرُ المُعارضَ ذا الفصاحة ِ ألكنًا ** في قولهِ وأخا الحجا مخبولا
لا تَنْصِبَنَّ لهُ حِبالَ مُعانِدٍ ** فَتُرَى بِكَفَّة ِ آفةٍ مَحْبُولا
إن كنتَ تنكرُ مُعجزاتِ محمدٍ ** يومًا فكنْ عمَّا جهلتَ سئُولا
شَهِدَتْ لهُ الرُّسْلُ الكِرامُ وَأشْفَقَوا ** من فاضلٍ يستشهدُ المفضولا
قارَنْتُ نُورَ النَّيِّرَيْنِ بِنُورِهِ ** فرأيتُ نورَ النيرينِ ضئيلا
وَنَسَبْتُ فضلَ العالَمِينَ لفضلِهِ ** فَنَسَبْتُ منهُ إلى الكَثِيرِ قليلا
وَأرانِيَ الزَّمَنِ الجَوادَ بِجودِهِ ** لَمَا وَزَنْتُ بهِ الزَّمانَ بَخِيلا
ما زالَ يَرْقَى في مَواهِبِ رَبِّهِ ** وينالُ فضلًا من لدنهِ جزيلا
حتى انثنى أغنى الورى وأعزهمْ ** ينقادُ محتاجًا إليهِ ذليلا
بَثَّ الفضائِلَ في الوجودِ فَمنْ يُرِدْ ** فضلًا يَزِدْه÷ بفضلهِ تفصيلا
فالشمسُ لا تُغْني الكَواكِبُ جُمْلَة ً ** في الفضلِ مغناها ولا تفضيلا
سَلْ عَالَمَ المَلْكُوتِ عنهُ فَخيرُ مَا ** سأل الخبيرُ عن الجليلِ جليلا
فَمنِ المُخَبِّرُ عَنْ عُلًا مِنْ دونِها ** ثَنَتِ البُراقَ وأخَّرَتْ جِبْرِيلا
فَلوِ اسْتَمدَّ العالَمونَ عُلومَه ** مَدَّتْهُمُ القَطَراتُ منهُ سيُولا
فتَلَقَّ ما تسطيعُ من أنوارهِ ** إِنْ كانَ رَأْيُكَ في الفَلاحِ أصِيلا
لوطٍ فكيفَ بِقَذْفِهِمْ رُوبِيلا ** قَوْلًا مِنَ السِّرِّ المَصُونِ ثَقِيلا
عَبَدُوا إلهًا مِنْ إلهِ كائِنًا ** علمًا وجرَّدَ صارمًا مصقولا
أوَماترى الدِّينَ الحنيفَ بسيفهِ ** جعلَ الطُّهورَ له دمًا مطلولا
ورَمَى به شُكرًا لإسرائيلًا ** ألفَيْتَهُ بِدَمِ العِدَا مَغْسولا
داعٍ بأمر اللهِ أسمعَ صوتهُ الثَّقـ ** ـقْلَينِ حتى ظُنَّ إسْرَافِيلا
لمْ يدعُهُمْ إلاَّ لما يحييهمُ ** أبدًا كما يَدْعُو الطَّبيبُ عَليلا
ويَنَامُ مِنْ تَعَبٍ وَيَدْعُو رَبَّهُ ** تخذتْ عزئمهُ الفضاءَ سبيلا
يُهْدِى إلى دارالسلامِ من اتقى ** فإذَا أَتَى بَشَرٌ إليهمْ كَذَّبوا
في خَلْقِ آدَمَ يَا لَهُ تَجْهِيلا ** مِمَّن عَصَى بعدَ القتيلِ قتيلا
حتى يقولَ الناسُ أتعبَ مالكًا ** بحُسامِهِ وأراحَ عزريلا
عَدْوًا وَكانَ العامِرَ المَأْهُولا ** مُذْ فارَقوا العِجْلَ الذي فُتِنوا به
مَنْ خُلْقُهُ القرآنُ جَلَّ ثناؤُهُ ** عنْ أن يكونَ حديثهُ مملولا
وإذا أتَتْ آياتُهُ بِمَدِيحِهِ ** رَتَّلْتُ منها ذِكْرَهُ تَرْتِيلا
وبأَنَّ ما أبْدَى لهُمْ مِنْ آيَةٍ ** متبتلٌ لإلههِ تبتيلا
وإِذا أرادَ الله فِتْنَة َ مَعْشَرٍ ** والآخِرونَ الأوَّلونَ فَقوْمُه
وَسَلُوا الزَّبور فإنَّ فيه الآن مِنْ ** فأَبَى أَقَلُّ العالَمِينَ عُقُولا
من لي بأني من بنانِ محمدٍ ** باللثمِ نلتُ المنهلَ المعسولا
مِنْ راحَةٍ هِيَ في السَّماحَة ِ كَوْثرٌ ** نارًا لِمَا غَرَسَ اليَهُودُ أَكُولا
سارتْ بطاعتها السَّحابُ كأنما ** أمرتْ بما تختارُ ميكائيلا
أنَّى دعا وأشارَ مبتهلا بها ** لمياهِ مُزنٍ مايزالُ هطولا
وَعَزَوْا إلَى يَعْقُوبَ مِنْ أوْلادِهِ ** موسَى ولا عِيسَى وَلا شَمْوِيلا
وَكَمْ اشْتَكَتْ بَلَدٌ أذاهُ فأُلْبِسَتْ ** بدعائهِ من صحوةٍ إكليلا
يارحمة ً للعالمينَ ألم يكن ** طفلًا لِضُرِّ العالمين مزيلا
إذ قامَ عَمُّكَرفي الورى مستسقيًا ** تُخْزُوا يَهُوذَا الآخِذَ البِرْطِيلا
لَمْ يُؤْتَ منها عَدَّهُ تَنْوِيلا ** ألفيتَ فيها التابعينَ الفيلا